الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

قصيدة الى ابي تراب


قصيدة عميد المنبر الحسيني الدكتور احمد الوائلي (1928-2003 م) بحق الامام علي بن ابي طالب ( عليه السلام)


 

غالى يسار واستخف يمين    
بك يا لكنهك لا يكاد يبين 
تجفى وتعبد والضغائن تغتلي          
والدهر يقسو تارة ويلين
وتظل أنت كما عهدتك نغمة
للآن لم يرقى لها تلحين
فرأيت أن أرويك محض رواية
للناس لا صور ولا تلوين
فلأنت أروع إذ تكون مجردا
ولقد يضر برائع تثمين
ولقد يضيق الشكل عن مضمونه
ويضيع داخل شكله المضمون
إني أتيتك أجتليك وأبتغي
وردا فعندك للعطاش معين
وأغض من طرفي أمام شوامخ
وقع الزمان وأسهن متين 
وأراك أكبر من حديث خلافة
يستامها مروان أو هارون  
لك بالنفوس إمامة فيهون لو
عصفت بك الشورى أو التعيين
فدع المعاول تزبئر* قساوة
وضراوة إن البناء متين    (تتهيأ)
أأبا تراب وللتراب تفاخر
إن كان من أمشاجه لك طين
والناس من هذا التراب وكلهم
في أصله حمأ به مسنون
لكن من هذا التراب حوافر
ومن التراب حواجب وعيون
فإذا استطال بك التراب فعاذر
فلأنت من هذا التراب جبين
ولئن رجعت إلى التراب فلم تمت
فالجذر ليس يموت وهو دفين
لكنه ينمو ويفترع الثرى
وترف منه براعم وغصون
بالأمس عدت وأنت أكبر ما احتوى
وعي وأضخم ما تخال ظنون
فسألت ذهني عنك هل هو واهم
فيما روى أم أن ذاك يقين
وهل الذي ربى أبي ورضعت من
أمي بكل تراثها مأمون
أم أنه بعد المدى فتضخمت
صور وتخدع بالبعيد عيون
أم أن ذلك حاجة الدنيا إلى
متكامل يهفو له التكوين
فطلبت من ذهني يميط ستائرا
لعب الغلو بها أو التهوين
حتى انتهى وعيي إليك مجردا
ما قاده الموروث والمخزون
فإذا المبالغ في علاك مقصر
وإذا المبذر في ثناك ضنين
وإذا بك العملاق دون عيانه
ما قد روى التاريخ والتدوين
وإذا الذي لك بالنفوس من الصدى
          نزر وإنك بالأشد قمين      
أأبا الحسين وتلك أروع كنية         وكلاكما بالرائعات قمين*        (جدير)
  لك في خيال الدهر أي رؤى لها           يروي السنا ويترجم النسرين
  هن السوابق شزبا وبشوطها              ما نال منها الوهن والتوهين
  والشوط مملكة الأصيل وإنما               يؤذي الأصائل أن يسود هجين
    فسما زمان أنت في أبعاده                   وعلا مكان أنت فيه مكين
    آلاؤك البيضاء طوقت الدنى                 فلها على ذمم الزمان ديون
    أفق من الأبكار كل نجومه                  ما فيه حتى بالتصور عون
    في الحرب أنت المستحم من الدما           والسلم أنت التين والزيتون
    والصبح أنت على المنابر نغمة              والليل في المحراب أنت أنين
    تكسو وأنت قطيفة مرقوعة                  وتموت من جوع وأنت بطين
    وترق حتى قيل فيك دعابة                    وتفح حتى يفزع التنين
    خلق أقل نعوته وصفاته                        أن الجلال بمثله مقرون
ما عدت ألحو* في هواك متيما           وصفاتك البيضاء حور عين    (الوم)
    فبحيث تجتمع الورود فراشة                  وبحيث ليلى يوجد المجنون
    وإذا سألت العاشقين فعندهم                   فيما رووه مبرر موزون
    قسما بسحر رؤاك وهي ألية*         ما مثلها فيما إخال يمين        ( القسم) 
   لو رمت تحرق عاشقيك لما ارعووا          ولقد فعلت فما ارعوى المفتون
    وعذرتهم فلذى محاريب الهوى               صرعى ودين مغلق ورهون
    والعيش دون العشق أو لذع الهوى           عيش يليق بمثله التأبين
    ولقد عشقتك واحتفت بك أضلعي               جمرا وتاه بجمره الكانون
    وفداء جمرك إن نفسي عندها                   توق إلى لذعاته وسكون
      ورجعت أعذر شانئيك بفعلهم                    فمتى التقى المذبوح والسكين
    بدر وأحد والهراس وخيبر                      والنهروان ومثلها صفين
    رأس يطيح بها ويندر* كاهل             ويد تجذ ويجدع العرنين      (يسقط)
    هذا رصيدك بالنفوس فما ترى                 أيحبك المذبوح والمطعون
    ومن البداهة والديون ثقيلة                     في أن يقاضى دائن ومدين
    حقد إلى حسد وخسة معدن             مطرت عليك وكلهن هتون*     (كثير)
    راموا بها أن يدفنوك فهالهم                  أن عاد سعيهم هو المدفون
    وتوهموا أن يغرقوك بشتمهم                  أتخاف من غرق وأنت سفين
    ستظل تحسبك الكواكب كوكبا                ويهز سمع الدهر منك رنين
    وتعيش من بعد الخلود دلالة                 في أن ما تهوى السماء يكون

عينية الحلي

 
قصيدة السيد حيدر الحلي
 
كان السيد حيدر الحلي (1240-1304 هـ) قد اعتاد ان يزور مرقد سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) كل عام ويقرأ هناك ولاول مرة قصيدة كان قد نظمها ولم يطلع عليها احد، وفي احدى السنوات وكعادته وفي الطريق الى كربلاء المقدسة  جاءه رجل وطلب منه ان يقرأ قصيدته العينية  وقد اسماه باسمه فقرأها له  حتى وصل الى قوله
حيث الحسين على الثرى         خيل العدا طحنت ضلوعه
حينها اجهش الرجل بالبكاء  وقال " والله يا سيد حيدر ان الامر ليس بيدي" . ثم ما لبث ان اختفى عن نظره وحينها ادرك السيد حيدر الحلي ان هذا الرجل انما هو الامام الحجة المهدي ( عجل الله تعالى فرجه) ، وهذا هو نص القصيدة :

 
 
                          الله يا حامي الشـريعة      

بك تسـتغيــث وقلبها

تدعو وجرد الخيل* مصغيه

وتكاد ألسنة السـيوف

فصدورها ضاقت بسـر

ضربا رداء الحـرب يبدو

لا تشتفي أو تنزعن

أين الذريعة لا قـرار

لا ينجع الأمـ‎هال بالـعا

للصنع ما أبـقى التحمـل

طعنا كما دفـقت أفاويـق*

ولكم حلوبة فكرتي

وعميد كـل مغامـر

تنميه للعليـاء هاشم

وذووا السوابـ‎‎ق والسوابغ

من كل عبـل الساعدين

إن يلتمس غرضا فحـد الـ

ومقارع تحـت القنا

لم يسر في ملمومة*

ومضاجـع ذا رونق

نسي الهجــوع ومـن تيقـظ

مات التصبر بانتظا

فانهض فما أبقى التحمل

قد مزقت ثوب الأسى

فالسيف أن به شفاء

فسواه منهم ليـ‎س ينعش

طالت حبـال عواتـق

كم ذا القعـود ودينكم

تنعى الفـروع أصولــه

فيه تحكـم مـن أباح الــ

من لو بقيمة قدره

فاشحذ (شبا عضـ‎ب)* له الأ

إن يدعها خفـت لدعـ

واطلب به بدم القتيل

ماذا يهيـجك إن صبـرت

أترى تــجيء فجيعة

حيث الحسين علـى الثرى

قتلته آل أمـية

ورضيعه بـدم الوريد

يا غيرة الله اهتفي

وضبا انتـ‎قامك جردي

ودعي جـنود الله تملأ

واستأصلي حتى الرضيع

ما ذنب أهـل البيت حــ

تركوهم شتى مصارعهم

فمغيب كالبـدر ترتقب

ومكابد للسـم قد سقيت

ومضرج بالـسيف آثر

ألفى بمشرعة الردى

فقضى كما أشتهت الحمية

ومصـفد لله سلم

فلقسره لم تلق لولا

وسبية باتت بأفعى

سلبت وما سلـبت محا

فلتغد أخبـية الخدور

ولتبد حاسـرة عن الو

فأرى كريمة من يواري

وكرائم التـنزيل بين

تدعو ومن تــــدعو وتلك

واهاً عرانين العلى

ما هز أضلعكم حداء

حملت ودائعكم إلى

يا ظل سعـيك أمة

أأضعت حافـظ دينه

آل الرسالة لـم تزل

ولكم حلـوبة فكرتي

وبكم أروض من القوا

تحكي مخائلـها بـروق

فلدي وكفـها وعنه

فتقبلوها أنني

أرجو بها في الحشـر

وعليكم الصلوات ما

أتقر وهي كذا مروعة

لك عن جوى* يشـكو صدوعه     (حزن)

لدعوتها سميعـة        ( المدججة بالسلاح)

تجيب دعوتهـا سـريعة

الموت فأذن أن تذيعه

منه محــمر الوشيعة

غروبها مـن كل شيعة

على العدى أيـن الذريعة

تي فقـم وأرق نجيعه

موضعا فـدع الصنيعة

الحيا مـزن سريعة (الماء المتجمع في السحاب)

من ضبا البيـض الصنيعة

يقظ الحفيظة فـي الوقيعة

أهل ذروتهـا الرفيعة

والمثقفة اللموعة

تراه أو ضخم الدسيعة*    (مجتمع الكتفين)

ـسيف يجعلـه شفيعه

يلقى الردى منه قريعه

إلا وكان لهـا طليعة     (كتيبة)

ألهاه عن ضـم الضجيعة

عزمه ينسى هجوعه

رك أيها المحيـي الشريعة

غير أحشاء جزوعة

وشكت لواصلها القطيعة

قلوب شيعتـك الوجيعة

هذه النفـس الصريعة

فمتى تعود به قطيعة

هدمت قواعده الرفيعة

وأصوله تنعى فروعه

ـيوم حرمتـه المنيعة

غاليت ماسـاوى رجيعه

رواح مذعـنة مطيعة     (حد السيف القاطع)

ـوته وان ثقلـت سريعة

بكربلا في خير شيعة

لوقعة الطـف الفظيعة

بأمض من تلـك الفجيعة

خيل العدى طحنت ضلوعه

ظام إلى جنـب الشريعة

مخضب فاطـلب رضيعه

بحمية الدين المنيعة

لطلى ذوي البغـي التليعة

هذه الأرض الوسيعة

لآل حرب والـرضيعة

ـتى منهم أخلـوا ربوعه

وأجمعهـا فظيعة

الورى شوقا طلوعه

حشاشـته نقيعه

عزه وأبـى خضوعه

فخراً على  ظمأ شروعه

تشكر الهيجاء صنيعه

أمر ما قاسـى جميعه

الله كفاً مسـتطيعة

الهم مهجتها لسيعة

مد عزها الغـر البديعة

تطيح أعمـدها الرفيعـة

جه الشريفة كالوضيعة

الخدر آمـنة منيعـة

أمية برزت مروعـة

كفاة دعوتهـا صريعـة

عادت أنوفكـم جديعة

القوم بالعـيس الضليعة

من ليس يعــــرف ما الوديعة

لم تشكر الهادي صنيعه

وحفظت جاهلة مضيعة

كبدي لرزؤكم صديعة

در الثنا تمري ضروعه

في كل (فاركة شـموعة)*     (قصيدة متلألئة)

الغيث معطية منوعة

سواي خلبهـا لموعه

لغد أقدمهـا ذريعة

راحة هذه النفـس الهلوعة

حسنت مطوقة سجوعة
 
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم 


الاثنين، 17 ديسمبر 2012

تائية دعبل الخزاعي كاملة

 
تائية الشاعر دعبل الخزاعي
 
 تجاوبن بالأرنان* والزفرات        نوائح عجم اللفظ والنطقاتِ      (الصوت الحزين)
يخبرن بالأنفاس عن سر أنفس       أسارى هوى ماض وآخر آتِ                       
فأسعدن أو أسعفن حتى تقوضت          صفوف الدجى بالفجر منهزماتِ
على العرصات الخاليات من المها        سلام شج صب على العرصاتِ
فعهدي بها خضر المعاهد مألفاً           من العطرات البيض والخفراتِ
ليالي يعدين الوصال على القلى         ويعدي تدانينا على العزباتِ
وإذ هن يلحظن العيون سوافرا              ويسترن بالأيدي على الوجناتِ
وإذ كل يوم لي بلحظي نشوة                يبيت بها قلبي على نشواتِ
فكم حسرات هاجها بمحسر             وقوفي يوم الجمع من عرفاتِ
ألم تر للأيام ما جر جورها                        على الناس من نقض وطول شتاتِ
ومن دول المستهزئين ومن غدا                بهم طالبا للنور في الظلماتِ
فكيف ومن أنى بطالب زلفة                   إلى الله بعد الصوم والصلواتِ
سوى حب أبناء النبي ورهطه               وبغض بني الزرقاء والعبلاتِ
وهند وما أدت سمية وابنها                 أولو الكفر في الاسلام والفجراتِ
هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه        ومحكمه بالزور والشبهاتِ
ولم تك إلا محنة كشفتهم                    بدعوى ضلال من هن وهناتِ
تراث بلا قربى وملك بلا هدى          وحكم بلا شورى بغير هداةِ
رزايا أرتنا خضرة الأفق حمرة             وردت أجاجا طعم كل فراتِ
وما سهلت تلك المذاهب فيهم          على الناس إلا بيعة الفلتاتِ
وما قيل أصحاب السقيفة جهرة            بدعوى تراث في الضلال نتاتِ
ولو قلدوا الموصى إليه أمورها            لزمت بمأمون على العثراتِ
أخي خاتم الرسل المصفى من القذى             ومفترس الابطال في الغمراتِ
فان جحدوا كان الغدير شهيده               وبدر وأحد شامخ الهضباتِ
وآي من القرآن تتلى بفضله          وإيثاره بالقوت في اللزبات* ِ       (اوقات الضيق)
وعز خلال أدركته بسبقها                   مناقب كانت فيه مؤتنفات ِ
مناقب لم تدرك بخير ولم تنل                   بشئ سوى حد القنا الذرباتِ
نجي لجبريل الأمين وأنتم                          عكوف على العزى معا ومناتِ
بكيت لرسم الدار من عرفات                   وأذريت دمع العين بالعبراتِ
وبان عرى صبري وهاجت صبابتي            رسوم ديار قد عفت وعراتِ
مدارس آيات خلت من تلاوة                   ومنزل وحي مقفر العرصاتِ
لآل رسول الله بالخيف من منى                 وبالبيت والتعريف والجمراتِ
ديار لعبد الله بالخيف من منى                 وللسيد الداعي إلى الصلواتِ
ديار علي والحسين وجعفر                  وحمزة والسجاد ذي الثفناتِ
ديار لعبد الله والفضل صنوه                   نجي رسول الله في الخلواتِ
وسبطي رسول الله وابني وصيه              ووارث علم الله والحسناتِ
منازل وحي الله ينزل بينها                    على أحمد المذكور في الصلوات ِ
منازل قوم يهتدى بهداهم                    فيؤمن منهم زلة العثرات ِ
منازل كانت للصلاة وللتقى                  وللصوم والتطهير والحسناتِ
منازل لا تيم يحل بربعها                    ولا ابن صهاك فاتك الحرماتِ
ديار عفاها جور كل منابذ                    ولم تعف للأيام والسنوات ِ
قفا نسأل الدار التي خف أهلها                  متى عهدها بالصوم والصلواتِ
وأين الألى شطت بهم غربة النوى            أفانين في الأقطار مفترقاتِ
هم أهل ميراث النبي إذا اعتزوا               وهم خير سادات وخير حماةِ
إذا لم نناج الله في صلواتنا                      بأسمائهم لم يقبل الصلواتِ
مطاعيم للاعسار في كل مشهد                لقد شرفوا بالفضل والبركاتِ
وما الناس إلا غاصب ومكذب             ومضطغن ذو إحنة* وتراتِ        (الحقد)
إذا ذكروا قتلى ببدر وخيبر                 ويوم حنين أسبلوا العبراتِ
فكيف يحبون النبي ورهطه                 وهم تركوا أحشاءهم وغراتِ
لقد لاينوه في المقال وأضمروا                  قلوباً على الأحقاد منطوياتِ  
فإن لم يكن إلا بقربي محمد               فهاشم أولى من هن وهناتِ
سقى الله قبرا بالمدينة غيثه                وبلغ عنا روحه التحفاتِ                           و صلى عليه الله ما ذر شارق             و لاحت نجوم الليل مبتدرات 
   أفاطم لو خلت الحسين مجدلا           وقد مات عطشانا بشط فرات 
  اذا للطمت الخد فاطم عنده          واجريت دمع العين في الوجنات
أفاطم قومي يابنة الخير واندبي       نجوم سماوات بارض فلات  
قبور بكوفان وأخرى بطيبة                     وأخرى بفخ نالها صلواتي
وأخرى بأرض الجوزجان محلها             وقبر بباخمرا لدى الغرباتِ
وقبر ببغداد لنفس زكية                     تضمنها الرحمن في الغرفاتِ
**وقبر بطوس يا لها من مصيبة               ألحت على الأحشاء بالزفراتِ
إلى الحشر حتى يبعث الله قائما                يفرج عنا الغم والكربات
ِ
علي بن موسى أرشد الله أمره                 وصلى عليه أفضل الصلواتِ
فأما الممضات التي لست بالغا                     مبالغها مني بكنه صفاتِ
قبور بجنب النهر من ارض كربلا                معرسهم منها بشط فراتِ
توفوا عطاشا بالفرات فليتني              توفيت فيهم قبل حين وفاتي
إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم                  سقتني بكأس الثكل والفظعاتِ
أخاف بأن ازدارهم فتشوقني                مصارعهم بالجزع فالنخلاتِ
تغشاهم ريب المنون فما ترى          لهم عقوة* مغشية الحجراتِ      (ما حول الدار)
خلا أن منهم بالمدينة عصبة              مدى الدهر أنضاء* من اللزباتِ    (هزيلين)
قليلة زوار سوى بعض زور                من الضبع والعقبان والرخماتِ
لهم كل يوم تربة بمضاجع                ثوت في نواحي الأرض مفترقاتِ
تنكبت لأواء السنين جوارهم                  ولا تصطليهم جمرة الجمراتِ
وقد كان منهم بالحجاز وأرضها                مغاوير نحارون في الأزماتِ
حمى لم تزره المذنبات وأوجه                  تضئ لدى الأستار والظلماتِ
إذا وردوا خيلا تسعر بالقنا                مساعير جمر الموت والغمراتِ
فان فخروا يوما أتوا بمحمد                   وجبريل والفرقان والسوراتِ
وعدوا عليا ذا المناقب والعلى                   وفاطمة الزهراء خير بناتِ
وحمزة والعباس ذا الهدي والتقى              وجعفرا الطيار في الحجباتِ
أولئك لا ملقوح هند وحزبها              سمية من نوكى* ومن قذراتِ       (حمقى)
ستسأل تيم عنهم وعديها                   وبيعتهم من أفجر الفجراتِ
هم منعوا الآباء عن أخذ حقهم                    وهم تركوا الأبناء رهن شتاتِ
وهم عدلوها عن وصي محمد                    فبيعتهم جاءت على الغدراتِ
وليهم صنو النبي محمد                     أبو الحسن الفراج للغمراتِ
ملامك في آل النبي فإنهم                        أحباي ما داموا وأهل ثقاتي
تخيرتهم رشدا لنفسي إنهم                       على كل حال خيرة الخيراتِ
نبذت إليهم بالمودة صادقاً                     وسلمت نفسي طائعاً لولاتي
فيا رب زدني في هواي بصيرة                   وزد حبهم يا رب في حسناتي
سأبكيهم ما حج لله راكب                       وما ناح قمري على الشجراتِ
وإني لمولاهم وقالٍ عدوهم                     وإني لمحزون بطول حياتي
بنفسي أنتم من كهول وفتية                      لفك عتاة أو لحمل دياتِ
وللخيل لما قيد الموت خطوها                فأطلقتم منهن بالذرباتِ
أحب قصي الرحم من أجل حبكم                  وأهجر فيكم زوجتي وبناتي
وأكتم حبيكم مخافة كاشح                     عنيد لأهل الحق غير مواتِ
فيا عين بكيهم وجودي بعبرة                   فقد آن للتسكاب والهملاتِ
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها                  وإني لأرجو الامن بعد وفاتي
ألم تر أني مذ ثلاثون حجة                أروح وأغدو دائم الحسراتِ
أرى فيئهم في غيرهم متقسماً                     وأيديهم من فيئهم صفراتِ
وكيف أداوي من جوى بي والجوى                     أمية أهل الكفر واللعناتِ
وآل زياد في الحرير مصونة                     وآل رسول الله منهتكاتِ
سأبكيهم ما ذر في الأفق شارق                     ونادى منادي الخير بالصلواتِ
وما طلعت شمس وحان غروبها                      وبالليل أبكيهم وبالغدواتِ
ديار رسول الله أصبحن بلقعاً                            وآل زياد تسكن الحجراتِ
وآل رسول الله تدمى نحورهم                        وآل زياد ربة الحجلاتِ
وآل رسول الله يسبى حريمهم                            وآل زياد آمنوا السرباتِ
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم                          أكفاً عن الأوتار منقبضاتِ
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد                   تقطع نفسي إثرهم حسراتِ
خروج إمام لا محالة خارج                    يقوم على اسم الله والبركاتِ
يميز فينا كل حق وباطل                         ويجزي على النعماء والنقماتِ
فيا نفس طيبي ثم يا نفس فأبشري                          فغير بعيد كل ما هو آتِ
ولا تجزعي من مدة الجور إنني                           أرى قوتي قد آذنت بثباتِ
فيا رب عجل ما أؤمل فيهم                           لأشفي نفسي من أسى المحناتِ
فان قرب الرحمان من تلك مدتي                        وأخر من عمري ووقت وفاتي
شفيت ولم أترك لنفسي غصة                     ورويت منهم منصلي وقناتي
فاني من الرحمن أرجو بحبهم                      حياة لدى الفردوس غير تباتي
عسى الله أن يرتاح للخلق إنه                        إلى كل قوم دائم اللحظاتِ
فان قلت عرفا أنكروه بمنكر                     وغطوا على التحقيق بالشبهاتِ
تقاصر نفسي دائما عن جدالهم                     كفاني ما ألقى من العبراتِ
أحاول نقل الصم عن مستقرها                       وإسماع أحجار من الصلداتِ
فحسبي منهم أن أبوء بغصة                         تردد في صدري وفي لهواتي
فمن عارف لم ينتفع ومعاند                      تميل به الأهواء للشهواتِ
كأنك بالأضلاع قد ضاق ذرعها                          لما حملت من شدة الزفراتِ
 
** ملاحظة : البيتين باللون الاحمر انشدهما الامام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام)